كوردی عربي ک.بادینی
Kurdî English

أخبار أراء التقارير لقاءات اقتصاد ملتميديا لایف ستایل ثقافة و فنون
×

اقتصاديات الأحزاب تنهش أفقر محافظة عراقية.. نكبة الديوانية تثير تفاعلاً واسعاً

تعاني محافظة الديوانية من أزمات متفاقمة، لتصبح واحدة من أكثر المحافظات تهميشًا وإهمالًا على مر العقود، خاصة وأنها لا تملك موردًا اقتصاديًا يعزز بنيتها التحتية ولا تحظى بموقع ديني يجعلها وجهة للسياحة الدينية، لتجد نفسها في حالة من السخط الشعبي والغضب الذي يوشك أن يتحول إلى حركة احتجاجية واسعة النطاق.

وتفجرت أزمتها الأخيرة بعد تصريحات عضو مجلس محافظة الديوانية، طارق البرقعاوي، في مؤتمر صحفي، حيث اتهم الشركة المسؤولة عن مشروع تأهيل الأحياء الـ 42 في المحافظة بأنها ليست إسبانية كما يُزعم، بل عراقية ولا تملك خبرة سابقة في مشاريع الإعمار.

وتنبّهت الأوساط السياسية والاجتماعية في العراق، إلى ما يحصل في محافظة الديوانية، حيث عبّرت عن تضامنها ومساندتها لحراك الأهالي هناك، وذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

عقد بقيمة 320 مليار دينار!

وأشار البرقعاوي إلى أن «هذه الشركة، التي حصلت على العقد بقيمة 320 مليار دينار، على صلة بميليشيا (أنصار الله الأوفياء)»، وهو فجر موجة غضب واسعة بين الأهالي، ودفع إلى تنظيم تظاهرات حاشدة تزامنت مع الزيارة الرجبية، حيث قطع المحتجون الجسر المعلق بالقرب من مبنى الحكومة المحلية مرددين شعارات مثل «كلا كلا إسبانية» ومهددين بجولة احتجاجية جديدة على غرار تظاهرات تشرين.

وخلال المؤتمر الصحفي، حاول محافظ الديوانية عباس الزاملي المنتمي إلى منظمة بدر، تهدئة الوضع، ووقف البرقعاوي عن استخدام مصطلح «ميليشيا»، مشيرًا إلى أن (أنصار الله الأوفياء) كيان سياسي، إلا أن البرقعاوي أصر على تصريحاته وأعلن استعداده للتضحية بحياته من أجل المحافظة.

ولم يقتصر التصعيد على الديوانية وحدها، بل امتد إلى محافظة بابل، حيث أعلن النائب أمير المعموري تضامنه مع الديوانيين، مشيرًا إلى أن بابل أيضًا تعاني من نفس الشركة وممارساتها.

وترتبط هذه الأحداث بملف أوسع يتمثل في الأذرع الاقتصادية للميليشيات المسلحة في العراق، فوفقًا لباحثين اقتصاديين فإن «هذه الميليشيات تستخدم شركات وهمية كواجهة للحصول على المشاريع عبر نفوذها السياسي، ما يؤدي إلى هدر المال العام وتعطيل عجلة التنمية».

الوضع بات لا يُحتمل

بدوره قال الناشط المدني من محافظة الديوانية علي المياحي، إن «الوضع في الديوانية بات لا يُحتمل، حيث يعاني المواطنون من تدهور الخدمات وانتشار الفساد وغياب المشاريع التنموية التي يمكن أن تخفف من حدة الفقر والبطالة».

وأضاف المياحي لـ (باسنيوز)، أن «التظاهرات الأخيرة التي شهدتها المحافظة تعكس حالة الاحتقان الشعبي، خاصة مع الشعور بالظلم والتهميش مقارنة بالمحافظات الأخرى»، مشيرًا إلى أن «الديوانية قد تكون شرارة لتحركات احتجاجية أوسع ما لم تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة وجدية لإنصاف المحافظة وتحقيق مطالب أبنائها».

وتعاني محافظة الديوانية، من نسب بطالة وفقر مرتفعة وغياب المشاريع التنموية الجادة، وهو ما تجسد عبر واقع مأساوي يعكس معاناة المحافظات الجنوبية، بشكل عام، وسط تساؤلات عمّا إذا كانت هذه المناطق، التي تفتقر إلى الدعم الحكومي وتواجه فسادًا متجذرًا، قد تكون على أعتاب حركة احتجاجية جديدة تعيد إلى الأذهان زخم مظاهرات تشرين، مع توسع رقعة الغضب الشعبي إلى محافظات أخرى مشابهة في ظروفها.

اقتصاديات الأحزاب تبرز للواجهة

وأعادت أوضاع الديوانية، ملف «اقتصادات الميليشيات» إلى الواجهة، حيث تعتمد هذه المنظومة الاقتصادية على شركات تابعة أو وهمية مرتبطة بتلك الأحزاب، والتي تلجأ إلى استغلال نفوذها السياسي والأمني للدخول في المناقصات والمزايدات.

وتُستخدم هذه الشركات كوسيلة للحصول على المشاريع، التي تُوظَّف لاحقًا لتحقيق أرباح مالية ضخمة دون تنفيذها بصورة تتماشى مع المعايير المطلوبة.

وتُسجَّل هذه الشركات غالبًا بأسماء مستعارة أو تعود ملكيتها إلى أفراد مقربين من قيادات الأحزاب، في محاولة لتجنب أي مساءلة قانونية.

ويرى مختصون أن هذا الواقع يعكس مستوى التداخل العميق بين المصالح السياسية والاقتصادية في العراق، مما يفتح المجال أمام انتشار الفساد وهدر المال العام، على حساب احتياجات المواطنين ومستقبلهم.

بدوره، قال الخبير في الشأن الأمني رياض الجبوري، إن «إنهاء وجود الفصائل المسلحة غير المنضبطة بات ضرورة ملحة لتحقيق الاستقرار في العراق، حيث أن استمرار نشاط هذه الفصائل يؤثر بشكل مباشر على الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، فضلًا عن تغلغلها في المفاصل الاقتصادية والتهامها أموال العراق بشكل علني».

وأضاف الجبوري لـ (باسنيوز)، أن «وجود هذه الفصائل يعزز حالة عدم الاستقرار ويفتح المجال أمام تدخلات خارجية، خاصة وأنها اتخذت منحنيات أخرى، نشاطها يميل إلى الفضاء العام»، مشيرًا إلى أنه «على القضاء العراقي التدخل وإنهاء هذه السطوة للفصائل على المحافظات ومشاريعها».