كوردی عربي ک.بادینی
Kurdî English

أخبار أراء التقارير لقاءات اقتصاد ملتميديا لایف ستایل ثقافة و فنون
×

هل تحول صندوق الاقتراع إلى صفقة؟.. مشروع «الحوافز الانتخابية» يشعل الساحة العراقية!

أثار مقترح قانون «الحوافز الانتخابية» المقدم في البرلمان العراقي جدلاً واسعاً، وغضبًا شعبيًا، حيث يهدف إلى تقديم امتيازات مالية ومعنوية للناخبين المشاركين في الاقتراع، في مسعى لمعالجة تدني نسب المشاركة المتوقعة في الانتخابات البرلمانية المقررة نهاية عام 2025.

وتتضمن بنود المقترح، الذي قدمه النائب عامر عبد الجبار، سلسلة من الحوافز المخصصة للناخبين المشاركين، حيث ينص على منح الموظفين المدنيين والعسكريين الذين يمارسون حقهم في التصويت فترة خدمة إضافية قدرها ستة أشهر، كما يمنح القانون أولوية في التعيين للناخبين المصوّتين مقارنة بأقرانهم الذين لم يشاركوا في الانتخابات.

ويشمل المقترح إعفاءات ضريبية للمصوّتين العاملين في القطاع الخاص بمختلف مجالاته، مثل القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية والخدمية، ويحدد الإعفاء بنسبة 10% من إجمالي الضريبة المستحقة على المصوّت خلال سنة الانتخابات، على ألا يتجاوز مليون دينار عراقي، مع الأخذ بعين الاعتبار تحسين الظروف المالية للمشمولين بنظام الضمان الاجتماعي من العاملين والموظفين في القطاع الخاص.

كما يمنح المقترح أولوية خاصة للناخبين المصوّتين المشمولين بخدمات الضمان الاجتماعي المقدمة من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، حيث يتم تسهيل معاملاتهم الرسمية داخل الوزارة، بهدف تشجيعهم على المشاركة في العملية الانتخابية.

تباين في الآراء

وأثار مقترح القانون الجديد تباينًا واسعًا في الآراء، حيث اعتبره بعض النواب خطوة إيجابية لتحفيز الموظفين والمواطنين على المشاركة في الانتخابات، مشيرين إلى أنه قد يسهم في تغيير طبيعة النتائج المقبلة، إذ ستشهد مشاركة فئات غير مرتبطة بالأحزاب السياسية.

في المقابل، واجه المقترح انتقادات حادة من قبل المراقبين، الذين رأوا أن تخصيص امتيازات للمصوّتين يتعارض مع مبدأ المساواة بين المواطنين، ويقوض الأسس الديمقراطية القائمة على حرية القرار والمشاركة الطوعية، وسط تحذيرات من أعباء مالية التي قد تنجم عن هذه الامتيازات.

بدوره، يرى الباحث في الشأن السياسي محمد التميمي، أن «اللجوء إلى مثل هذه الخيارات يعكس بشكل واضح فشل الأداء الحكومي في كسب ثقة المواطن، حيث إن الإخفاق في تحسين الخدمات العامة وتحقيق إنعاش اقتصادي ملموس أدى إلى تفاقم الإحباط الشعبي».

وأضاف التميمي لـ (باسنيوز)، أن «العزوف عن الانتخابات لا يمكن معالجته من خلال تقديم حوافز مالية أو معنوية، بل يتطلب معالجة جذرية للأسباب التي دفعت المواطنين لفقدان الثقة بالعملية السياسية برمتها، والتي تتمثل في انتشار الفساد، وضعف الإدارة الحكومية، وتردي مستوى الخدمات الأساسية التي تمس حياة المواطن اليومية».

وأشار إلى أن «تقديم الامتيازات للمصوّتين قد يبدو حلاً قصير المدى لتحسين نسب المشاركة، لكنه لا يعالج الأزمة الحقيقية، بل ربما يزيد من تعميق الفجوة بين الطبقة السياسية والمواطنين، الذين يرون في هذه الخطوة محاولة لشراء أصواتهم بدلًا من السعي الجاد لتلبية مطالبهم وتحقيق الإصلاحات الضرورية».

 تراجع نسب المشاركة.. لماذا؟

وشهد العراق تراجعًا كبيرًا في نسب المشاركة الانتخابية خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغت نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت نهاية عام 2023 حوالي 41%، بينما سجلت الانتخابات البرلمانية لعام 2021 نسبة إقبال بلغت 44% فقط.

وتصاعد مؤشر التراجع في الانتخابات البرلمانية العراقية لعام 2018 حيث بلغ حينها 44.5%، ما يعكس تراجعًا ملحوظًا مقارنة بالدورات السابقة، فعلى سبيل المثال وصلت نسبة المشاركة إلى حوالي 80% في انتخابات عام 2005، قبل أن تنخفض تدريجيًا إلى ما يقارب 60% في عامي 2010 و2014.

بدوره، أكد عضو حزب الوعد العراقي، كريم نبهان، أن «معالجة تراجع نسب المشاركة في الانتخابات يجب أن تبدأ بتطوير النظام السياسي بما يضمن تمثيلًا حقيقيًا لمطالب المواطنين، بدلًا من التركيز على حلول مؤقتة قد لا تحقق الأهداف المرجوة».

وأضاف نبهان لـ (باسنيوز)، أن «إعادة الثقة بالعملية الانتخابية تتطلب إعادة النظر في أسس الترشيح والانتخاب، من خلال تقليل تأثير الأحزاب الكبيرة وتوسيع فرص المستقلين والشباب لتقديم رؤى جديدة وقادرة على تلبية رغبات الشعب».

وأشار إلى أن «تقديم الحوافز المالية أو الامتيازات لا يمكن أن يعالج الإحباط الشعبي، بل المطلوب هو ضمانات فعلية للنزاهة والشفافية وإطلاق حوار مجتمعي واسع لإشراك الجميع في صياغة مستقبل البلاد السياسي».

ويرى مراقبون ومختصون، أن حالة الإحباط التي تسود الأوساط الشعبية إثر تفشي الفساد المالي والإداري والمحسوبية أدت إلى تآكل الثقة بين المواطن والمؤسسات السياسية، إذ يؤكدون أن هذه الظواهر لم تقتصر على تعميق مشاعر الخيبة، بل ساهمت في تعزيز حالة الاغتراب السياسي لدى المواطنين، الذين باتوا يرون في العملية الانتخابية أداة لا تعكس تطلعاتهم ولا تلبي احتياجاتهم.