أكد الأكاديمي العراقي وأستاذ علم الاقتصاد، نبيل المرسومي، أن إمدادات الغاز الإيراني الى العراق مؤخراً لم تتوقف بشكل كامل، لكنها انحسرت كثيراً.
ويقول المرسومي ، ان إيران كانت تصدر، وفق الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، نحو 50 مليون متر مكعب يومياً في أوقات الذروة، إلا أن هذه الكمية انخفضت إلى نحو 8 ملايين متر مكعب يومياً فقط في الأشهر الماضية عبر الخط الناقل إلى جنوب العراق.
وأردف المرسومي قائلاً ، إن العراق يعتبر هذا التراجع "توقفاً فعلياً للإمدادات"، حيث تسبب ذلك في تعطل عمل نصف المحطات الغازية في البلاد، مما أدى إلى خروج قرابة 9 آلاف ميغاواط من الخدمة، ناهيك عن انخفاض ساعات تجهيز الكهرباء، الأمر الذي أثر على حياة المواطنين بشكل ملموس.
ويرى المرسومي ، أن الطاقة الكهربائية المنتجة في العراق تبلغ بحدود 18 ألف ميغاواط، منها 13 ألف ميغاواط منتجة من محطات غازية، إضافة إلى 5 آلاف ميغاواط تُنتج عبر محطات تستخدم وقود الديزل.
ولفت الخبير العراقي إلى أن بلاده تستورد أيضاً من إيران 3 آلاف ميغاواط كطاقة كهربائية، وبالتالي فإن مجموع الإنتاج الكلي يُقدر بـ21 ألف ميغاواط.
ويبيّن أن موعد استئناف ضخ إيران للغاز إلى العراق غير واضح، وهو يعتمد على توفر الفائض من الغاز في إيران.
وفي حين عزت طهران هذا الانحسار في الإمدادات إلى صيانة خطوط الأنابيب، يرى المرسومي أن هذا السبب غير مقنع، لاسيما أن تصدير الغاز الإيراني إلى تركيا لا يزال مستمراً.
وبالإضافة إلى عراقيل تقنية، قال المرسومي إن الديون العراقية لإيران تُعد من أبرز أسباب انحسار تدفق الغاز الإيراني، إذ تستخدم طهران هذا الملف كورقة ضغط على بغداد.
ويضيف أن هذا الأمر يثير قلق العراق ويعطي انطباعاً بأن الخيار الإيراني لم يعد موثوقاً أو مطمئناً، ولا يستطيع أن يوفر إمدادات غازية منتظمة إلى البلاد، في ظل الحاجة الماسة للغاز الذي تعتمد عليه بغداد في إنتاج الكهرباء.
ويؤكد أستاذ علم الاقتصاد أن المصادر البديلة المتاحة للعراق ليست قصيرة الأجل، حيث تستغرق عملية الربط الكهربائي مع السعودية 3 سنوات لتزويد العراق بأكثر من 1000 ميغاواط، فيما لا يحقق الربط الكهربائي مع الكويت أكثر من 500 ميغاواط.
إضافة إلى ذلك، يحتاج العراق إلى سنتين لتهيئة البنى التحتية لاستيراد الغاز المسال من قطر، وهو ما يُعد أكثر جدوى اقتصادية.
وتتمسك إيران منذ سنوات بورقة "الغاز والكهرباء" لتحقيق مكاسب سياسية في العراق، الذي يتحمل بدوره مسؤولية، على المستوى الرسمي، في عدم معالجة هذا الملف الحساس.
فإمدادات الغاز الإيراني إلى العراق تواجه منذ سنوات تحديات مستمرة تؤثر بشكل كبير على استقرار قطاع الطاقة في البلاد.
والمشاكل المتعلقة بالتأخيرات في التوريد والعوائق الفنية في تصاعد مستمر، كما أن الأزمات السياسية التي تطفو على السطح بين فينة وأخرى تؤثر على تدفق الغاز الإيراني.
وتعكس هذه القضايا، حسب خبراء، هشاشة العلاقة بين بغداد وطهران في هذا الملف الحيوي، مما يهدد قدرة العراق على تلبية احتياجاته من الطاقة بشكل مستدام.
وأُجريت دراسة قبل نحو 4 سنوات في هذا السياق، إلا أن الضغط السياسي الإقليمي حال دون تنفيذ هذا التحول، وأسهم أيضاً في تعثر عملية استثمار الغاز الوطني لسنوات طويلة، وفقاً للمرسومي.