في روايته "مبنيّ للمجهول – نقطةٌ من أوّل السطر" (دار الزمان السوريّة – صيف 2024)، ينحت هوشنك أوسي نصًا أدبيًا، ناسجًا أسئلةَ الهويةِ والوجود، ويعيد تشكيلَ معاني الذاتِ في عالمٍ متغيّرٍ من خلال لوحةٍ فكريّةٍ فلسفيّةٍ تجسدُ عمقَ المأساةِ البشريّةِ وصراعاتها الخفيّة؛ فأوسي، بروحهِ الكورديّةِ وأفقه العالمي، يُقدّمُ عملًا يُزاوجُ بين الأدبِ والفلسفة. يحطّمُ أوسي الثوابتَ السرديةَ التقليديةَ ويعيد تركيبها بروحِ العصرِ من خلال الغوصِ عميقًا في الأسئلةِ الوجوديّة.
"مبنيّ للمجهول" متاهةٌ سرديّةٌ يقودنا الكاتبُ خلالها لنعبرَ أروقةَ النفسِ البشريّةِ، حيث يتجلّى صراعُ الذاتِ بين المعلومِ والمجهولِ، وبين الماضي المتربّصِ والحاضرِ الملتبِسِ. ينسجُ أوسي بينَ هذهِ الحكاياتِ خيطًا فلسفيًا يحوّل السردَ إلى دراسةٍ عميقةٍ للذاتِ البشريّةِ، وشهادةٍ أدبيّةٍ وفلسفيّةٍ تعبرُ عن المأساةِ الإنسانيّةِ في كلّ زمانٍ ومكانٍ.
فعل الكتابة:
تتشابكُ الأحداثُ والشخصيّاتُ ضمن نصٍّ متعددِ الأبعادِ، مشحونٍ بالدلالاتِ، ليكون بمثابةِ مرآةٍ للنفسِ البشريّةِ في صراعها الأبديّ مع المجهولِ، من خلال طرحِ قضايا الحربِ، والحبِّ، والانتماءِ بأسلوبٍ مفعمٍ بالرمزيّاتِ والعمقِ الإنسانيّ. تتشابكُ فيه الرموزُ الدينيّةُ، والميثولوجيا، والتراثُ الشعبي، والأغاني في إطارِ بعثرةِ الزمنِ وتعدّدِ الأمكنةِ.
يستخدمُ الكاتبُ تقنيةَ تعدّدِ الرواةِ في إطارِ راوٍ عليمٍ يضبطُ حركةَ المروياتِ، مما يجعلُ القارئَ أمامَ روايةٍ مركّبةٍ تتشابكُ فيها قصصُ ثلاثةِ كتّابٍ: هوشنك أوسي صاحب الرواية الحاضنة "مبني للمجهول"، ويان دو سخيبر صاحب الرواية الداخليّة "غير المرغوب فيهم أو هكذا يظنون"، والصحافيّ الشاب توم فان ليندين، الشخصيّة الروائيّة المتخيّلة في رواية "غير المرغوب فيهم"، وهو بدوره يسعى إلى كتابة روايته، ويحقق ذلك، لكن يبقى عنوانها مجهولاً لنا!
توم في ذاتهِ حكايةٌ مستقلّة تروي أسئلةً كبرى عن القدَرِ والحياة والموتُ الذي نجا منه بسببِ رغبتهِ الشديدةِ في أكلِ الآيس كريم، عاشَ حياةً مُشبعةً بالفقدِ والذكرى والأسئلةِ التي دفعتهُ للبحثِ عن فكرةٍ يُخلِصُ لها فتَخلُصُ لهُ وتُعاونهُ على التحررِ منها. ربما ارتباطهُ بجدتهِ بعدَ فقدِ والديهِ جعلهُ يرى المسنّين العجائزَ كُنوزَ الحياةِ التي نجهلُها ونتجاهلُها، فقادهُ ذلكَ إلى البحثِ عن تلكَ الكنوزِ في دارِ المسنّين، ليتحولَ الصحافيُّ الشابُّ إلى روائيٍّ شهيرٍ. وبالتالي، الصحافيُّ الشابُّ، يُمثلُ البوابةَ التي تنفتحُ منها قصصُ دارِ المسنّين، حيثُ تتحولُ الحكاياتُ الفرديّةُ إلى مرايا تعكسُ قضايا وجوديّةً.
الحكايات الكبرى:
تبدأُ الحكاياتُ معَ المرأةِ البعوضةِ "ماريكا"، التي تمثلُ انعكاسًا لصراعِ الإنسانِ مع إرثهِ الأخلاقيِّ والتاريخيِّ. رحلتها إلى الكونغو للاعتذارِ عن الجرائمِ الاستعماريةِ لوالدِها ليست سوى محاولةٍ يائسةٍ للتصالحِ مع الذاتِ. تعودُ ماريكا محمّلةً بالمرضِ والعجزِ والفقدِ؛ هل هكذا شاءَ القدرُ لها التطهير؟ وفي خضمِّ مروياتها عن ألوانٍ وصنوفِ القهرِ والظلمِ السياسيِّ والاجتماعيِّ والاقتصاديِّ الذي عانى منه شعبُ الكونغو، لدرجةِ عرضهم في حديقةِ الحيواناتِ أما البلجيكيين البِيض للتسلية، وتبرزُ ماريكا تناقضاتِ الذاتِ من خلالِ عرضِ صورةِ راهبةٍ مُبشّرةٍ كاثوليكيةٍ وهي تركبُ عربةً يجرها كونغوليٌّ بدلًا من الحصانِ.
زيفُ اعترافاتِها في نهايةِ الروايةِ يجعلُ القارئَ يُعيدُ النظرَ في مفهومِ الحقيقةِ والهويةِ، مما يُعززُ فلسفةَ الروايةِ التي ترى في المجهولِ جوهرَ الوجودِ.
الحبُّ سلاحًا:
تُعالجُ الروايةُ الحبَّ كاختبارٍ حقيقيٍّ للذاتِ في مواجهتها مع المجتمع؛ فقصةُ فرهاد وشيرين تُبرزُ قدرةَ الحبِّ على كسرِ قيودِ الطائفةِ والعاداتِ. الحبُّ في الروايةِ قوةٌ طاغيةٌ، لكنهُ محفوفٌ بالمخاطرِ؛ إنهُ النورُ الذي يكشفُ عن عتمةِ الإنسانِ.
قصةُ الحبِّ رتّبَ لها القدرُ عندما تعرّضت شيرين للاعتداءِ من قِبَلِ الضابطِ العثمانيِّ، ليظهرَ فرهادُ كبطلٍ أسطوريٍّ يُخلِّصُها ويقتلُ الضابطَ، ليتحوّلَ فجأةً إلى شخصٍ هاربٍ مُطارَدٍ. تبدأُ رحلةُ الهروبِ والفرارِ بكلِّ مخاطرِها إلى أنْ يحُطّا الرحالَ عندَ كنيسةٍ رومٍ أرثوذكسيّةٍ في منطقة "البترون" الساحلية اللبنانية، وتتحوّل الكنيسةُ إلى ملاذٍ رمزيٍّ يُمثلُ احتضانَ المختلفِ والمتصالحِ مع الآخرِ. حيثُ تجمعُ بين فرهادَ، الكورديِّ الهاربِ من ظلمِ أخيهِ، وشيرين، الدرزيةِ التي تحدّت مجتمعَها لتُحبَّ رجلًا من خارجِ طائفتها؛ ليُظهرَ الكاتبُ بمهارةٍ كيفَ يمكنُ للحبِّ أن يتحدى القيودَ الاجتماعيةَ والدينيةَ، والنفيَ والوصمَ المجتمعيَّ.
كما برعَ الكاتبُ في رسمِ تحوّلاتِ شخصيةِ فرهادَ، التي تشملُ مراحلَ عديدةً. إذ بدأت رحلته من قريةٍ صغيرةٍ في منطقة "عفرينَ السوريّة"، حيثُ يُعاني من ظلمِ شقيقِهِ الأكبرِ الذي استحوذَ على إرثِ العائلةِ، مما يدفعهُ إلى اتخاذِ قرارٍ جريءٍ بالهربِ من قريتهِ والانضمامِ إلى الجيشِ العثمانيِّ. هذا القرارُ يعكسُ أولى محطاتِ التحوُّلِ في شخصيتهِ، إذ يسعى فرهادُ لتحريرِ نفسهِ من قيودِ الواقعِ العائليِّ المفروضِ عليهِ، والانتقامِ من أخيهِ، فوجدَ في الانتسابِ إلى الجيشِ العثمانيِّ أنسبَ وأسرع الحلولِ للحصولِ على السلاحِ الذي سيُمكِّنهُ من تحقيقِ حلمِ الانتقام: "غادرَ أهلهُ ومنزلهُ كجرحٍ غائرٍ ملتهبٍ، تُغادرهُ السكينُ التي حفرته." (الرواية، 67).
خلالَ خدمتِهِ في الجيشِ العثمانيِّ، يتحولُ فرهادُ من شابٍّ هاربٍ يبحثُ عن حريتِهِ إلى جنديٍّ يحملُ السلاحَ ويُمارسُ الانضباطَ العسكريَّ. الحياةُ العسكريةُ مَثَّلتْ نقطةَ تحولٍ جديدةً في شخصيته، وما أُتيحَ لهُ من فرصةٍ لزيارةِ نزلِ الدعارةِ في حلبَ وبيروتَ وتركَ ذلك عظيمَ الأثرِ في شخصيتِهِ. عكستِ اللقاءاتُ الجنسيةُ توقَهُ للحريةِ ومحاولةَ اكتشافِ ذاتِهِ بعيدًا عن القيودِ الاجتماعيةِ. تلكَ اللحظاتُ كانت بالنسبةِ لفرهادَ ليست فقط تجاربَ حسيّةً، بل تجاربَ تحوليةً تُسلطُ الضوءَ على تعقيداتِهِ الإنسانيةِ وصراعِهِ الداخليِّ.
تأخذُ شخصيةُ فرهادَ منعطفًا آخرَ عندما يُنقذُ شيرينَ، الفتاةَ الدرزيةَ التي كادَ جنودٌ عثمانيونَ أن يعتدوا عليها في شوارعِ بيروتَ. هذا اللقاءُ يُمثلُ نقطةَ تحولٍ مركزيةً في حياتِهِ، حيثُ يدخلُ الحبُّ كقوةٍ مُحركةٍ في حياتِهِ. حبُّ فرهادَ لشيرينَ يتجاوزُ الحدودَ الاجتماعيةَ والدينيةَ، ليُصبحَ رمزًا لتمرُّدِهِ على القيودِ التي فرضَها المجتمعُ والطائفةُ.
الحبُّ والاختلاف:
أيضًا يظهرُ الحبُّ كقوةٍ فاعلةٍ في حياةِ كلٍّ من هيوا، الطيارِ الكورديِّ، وباولا، الفتاةِ البلجيكيةِ. علاقتهُما شهادةٌ على قدرةِ الحبِّ على تجاوزِ الحدودِ الثقافيةِ والجغرافيةِ، وعلى عمقِهِ كقوةٍ إنسانيةٍ تستطيعُ أن تكونَ علاجًا للجراحِ التي تتركُها الحروبُ.
لقاءُ هيوا بباولا بعدَ سقوطِ طائرتِهِ أثناءَ دعمِهِ الجويِّ للقواتِ الكنديةِ في الحربِ العالميةِ الثانيةِ لتحرير مدينة أوستند البلجيكيّة، ذلك اللقاء مَثَّلَ نافذةً روحيةً أعادتْ لهُ الإحساسَ بمعنى الحياةِ وسطَ الدمارِ الذي يُحيطُ بهِ. الحبُّ هو فعلُ إنقاذٍ يُغيِّرُ مسارَ الحياةِ، وتجربةٌ تتجاوزُ الهوياتِ القوميةَ والاختلافاتِ الثقافيةَ، جمعتْ هيوا، الكورديَّ الذي يحملُ تاريخًا مُثقلًا بالحروبِ، وباولا، البلجيكيةَ التي تنتمي إلى مكانٍ بعيدٍ عن هذهِ الصراعاتِ، ليجدا في الحبِّ مساحةً مشتركةً تتحدى كلَّ الحدودِ.
تجارب إنسانيّة:
حرصَ الكاتبُ على الغوصِ في أعماقِ الشخصياتِ وتقديمِ التجاربِ الإنسانيةِ بمنظورٍ فلسفيٍّ عميقٍ يُبرزُ خلاصةَ خبراتهِ الشخصيةِ في الحياةِ، ومنها فكرةُ أنَّ الأحكامَ المطلقةَ غيرُ مجديةٍ. ففي عمقِ التجاربِ أبعادٌ خفيةٌ تجعلُ هناكَ نسبيةً في معاييرِ الصوابِ والخطأِ.
فهيوا، الطيارُ الكورديُّ في الجيشِ البريطانيِّ، وآرام، الضابطُ الكوردي السوريُّ في الجيشِ الفرنسيِّ، يُمثلانِ جدليةَ الانتماءِ والاغترابِ، كلاهما يعيشانِ صراعًا بين هويتِهِما الوطنيةِ وخدمتِهِما لقوى استعماريةٍ، مما يعكسُ مأساةَ الإنسانِ في مواجهةِ الخياراتِ الأخلاقيةِ الصعبةِ.
من خلالِ شخصيةِ الهادي بو مزيان الجزائريِّ، يعكسُ أوسي الصورةَ المأساويةَ للإنسانِ في محاولاتِهِ اليائسةِ للتوصلِ إلى معادلةٍ تجمعُ بينَ الحياةِ، والهويةِ، والوطنِ، في ظلِّ ظروفٍ تفرضُ عليهِ تنازلاتٍ. يحاولُ العثورَ على مكانٍ في عالمٍ مليءٍ بالتناقضاتِ. ويعدُّ الهادي مثالًا حيًا على الصراعِ الأزليِّ بينَ الهوياتِ المختلفةِ، والبحثِ المستمرِّ عن مكانٍ في هذا العالمِ الممزقِ بينَ القوى المتصارعةِ. هو خيطٌ رفيعٌ بينَ النضالِ والاستسلامِ، بينَ الجلادِ والضحيةِ، وبينَ الإنسانِ الذي يُريدُ أن يعيشَ بكرامةٍ، والإنسانِ الذي يُواجهُ خياراتٍ مأساويةً لا مفرَّ منها.
شخصيةُ الهادي تعكسُ سطوةَ الفقرِ والعوزِ على مقاديرِ البشرِ، كما تُجسِّدُ تداخلَ الانتماءاتِ. نشأَ في كنفِ جدهِ على مقولةِ: "نحنُ أبناءُ الجبالِ"، ووجدَ في سلالةِ عائلتِهِ التعدديةَ في الدياناتِ؛ حيثُ وجدَ على مقبرةِ الجدِّ الأولِ نجمةَ داوودَ، وعلى مقبرةِ الجدَّيْنِ الثاني والثالثِ إشارةَ الصليبِ، ومن المقبرةِ الرابعةِ حتى مقبرةِ والدِ جدِّهِ آياتِ القرآنِ الكريمِ.
شخصيةُ العجوزِ (بول – Poul) تُمثِّلُ رمزًا للذاكرةِ الإنسانيةِ، والحقيقةِ التي تُحاولُ الذاتُ الانسلاخَ منها؛ حيثُ إنَّ الذاكرةَ تُصبحُ هي الرابطَ الذي يُحافظُ على استمرارِ الذاتِ ويمنحُها معنىً حتى في مواجهةِ المحاولاتِ الخارجيةِ لطمسِها. بول يُمثِّلُ الماضي الحيَّ الذي يستمرُّ في التواجدِ رغمَ محاولاتِ الآخرينَ للتخلُّصِ من هذا الإرثِ.
ربما جاءتِ البؤرةُ الأهمُّ التي تُلخِّصُ فلسفةَ الروايةِ على لسانِ بول الحكيمِ: "هناكَ شيءٌ اسمُهُ الغيبُ، مبنيٌّ للمجهولِ، إذا توقَّفتَ عن محاولاتِ اكتشافِهِ ضللتَ، وإذا واصلتَ اكتشافَهُ ضللتَ." (الرواية، ص 331).
أوسي يُعيدُ كتابةَ التاريخِ من خلالِ شخصياتٍ متخيلةٍ تعيشُ الأحداثَ، مما يخلقُ تداخلًا فريدًا بينَ الحقيقةِ والخيالِ، ويجعلُ الروايةَ شهادةً على العصرِ. بالتالي، الروايةُ لوحةٌ فسيفسائيةٌ تمزجُ بينَ هوياتٍ وأديانٍ متعددةٍ، كلٌّ منها يحملُ ثقلهُ الخاصَّ وتناقضاتِهِ التي تتصارعُ داخلَ الشخصياتِ. الكاتبُ عكسَ هذهِ التداخلاتِ كأبعادٍ نفسيةٍ ومعنويةٍ تُعيدُ تشكيلَ الذاتِ. هذه التوليفة المتفرِّدة من الألوان البشريَّة المتعدِّدة تجعل من الرواية انعكاسًا للحياة بكل تناقضاتها، ومرآة للعلاقات الإنسانيَّة التي تربط بين البشر."النَّاسُ أبوابُ بعضهم والأقفالُ والمفاتيحُ، النَّاسُ ألغازُ بعضهم والعتباتُ والمتون." (مفتتح الرواية، ص 7).
في كلِّ تحوُّل يتعرَّض له أبطال الرواية، نجد دعوة للتفكير في معنى الوجود، وفي جراح الإنسان التي لا تندمل، وفي رحلة الحياة التي لا يمكن للإنسان الهروب منها أو الهروب من أسئلتها. نحن أمام نصٍّ لا تكتمل صورته إلا في ذهن القارئ الذي يمتلك قدرة على التلقِّي الاستثنائي، القادر على قراءة ما بين السطور، واستخلاص المعاني العميقة التي تكمن وراء الأفعال والعبارات.
يتَّسم هوشنك أوسي ببراعة في رسم تفاصيل الشخصيَّات، وقدرة على التغلغل في أعماق الذات، ورصد تحوُّلاتها العميقة في مواجهة الواقع والمجهول. فنجح في تقديم نصٍّ أدبي يرفع منسوب التأمُّل والقلق الوجودي في القلوب والعقول. الكتابة لديه هي فعل فلسفي عماده لغة مترعة بالرموز والأفكار العميقة. روايته "مبني للمجهول" تتطلَّب قارئًا استثنائيًّا، قادرًا على التأمُّل في التفاصيل الدقيقة، وفهم السياقات الثقافيَّة والفلسفيَّة التي يزخر بها النص.
-------------------------
*د. جيهان الدمرداش: باحثة وناقدة أكاديمية مصرية - الكويت