يحتدم النقاش داخل الأوساط القانونية والحقوقية في العراق بشأن تسليم المواطن الكويتي سلمان الخالدي إلى الكويت، حيث تباينت الآراء بين مؤيد للخطوة باعتبارها تطبيقًا للاتفاقيات الدولية، ومعارض يرى فيها انتهاكًا لقانون اللاجئين السياسيين.
وبدأ سلمان الخالدي، البالغ من العمر 25 عاماً، بالظهور في المجال الإعلامي عندما كان في السابعة عشرة من عمره، حيث عرف كطالب متميز في مجالات علمية، ومثل الكويت في بعض المحافل الخليجية.
وانتقل الخالدي، إلى بريطانيا منذ نحو عامين، ومنحته السلطات البريطانية حق اللجوء السياسي، حيث كان هناك ينشر مقاطع فيديو توثق قيامه بملاحقة مسؤولين كويتيين في بريطانيا، حيث كان يعتدي عليهم بالبيض ويوجه لهم انتقادات لاذعة.
وبعد صدور عفو عنه في قضية سابقة تتعلق بالإساءة إلى السعودية، أصدرت السلطات القضائية في الكويت أحكاماً بالسجن ضده في قضايا تتصل بمنشوراته ومقاطع الفيديو التي ينشرها.
الوصول إلى العراق
ووصل سلمان الخالدي إلى العراق مؤخرًا، وتجول في محافظة البصرة، وكان يوجه انتقادات حادة لحكّام بلاده، قبل أن تُلقي السلطات العراقية القبض عليه في مطار بغداد الدولي، عندما كان يروم المغادرة.
بدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد مقداد ميري، أن تسليم المواطن الكويتي سلمان الخالدي، جاء وفق مذكرة رسمية صادرة من الإنتربول.
وقال ميري لـ (باسنيوز)، إن «الخطوة تأتي ضمن التزامات العراق كعضو في منظمة الإنتربول الدولية وحرصه على تنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات الأمنية مع الدول العربية والدول الأعضاء».
وأوضح أن «وزارة الداخلية تعمل بجدية على تسليم المطلوبين للقضاء للدول المرتبطة معها باتفاقيات ومذكرات تفاهم، وفق قرارات قضائية»، مشيرًا إلى أن «الإنتربول العراقي يتلقى يومياً طلبات من نظرائه في الدول العربية والأجنبية لتسليم أو استلام مطلوبين في قضايا جنائية مختلفة، أهمها الإرهاب، المخدرات، والفساد».
وعبّر ناشطون حقوقيون عن استنكارهم لقرار السلطات العراقية فيما يتعلق بتسليم سلمان الخالدي إلى الكويت، معتبرين أن هذه الخطوة تمثل تجاوزاً للمعايير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وحماية الأفراد المعرضين للخطر.
وأشار الناشطون إلى أن الخالدي قد حصل على حق اللجوء السياسي في بريطانيا، مما يثير تساؤلات حول مشروعية تسليمه بالنظر إلى القضايا التي يواجهها في بلده الأم، والتي وصفها البعض بأنها ذات طابع سياسي أكثر من كونها جنائية.
نقاش قانوني
لكن هناك تباينًا في الآراء القانونية حيال قرار تسليم سلمان الخالدي، حيث يرى بعض الخبراء القانونيين أن القرار يتماشى مع اتفاقيات تسليم المطلوبين الموقعة بين العراق والكويت، والتي تلزم الطرفين بالتعاون في تسليم الأفراد الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية.
ويعتبر هؤلاء أن العراق ملتزم بتطبيق هذه الاتفاقيات دون النظر إلى الجوانب السياسية للقضية.
في المقابل، يرى آخرون أن هذه الاتفاقيات لا يمكن أن تطبق في حالات تتعلق باللجوء السياسي، مشيرين إلى أن حصول الخالدي على حق اللجوء في بريطانيا يعزز موقفه القانوني بعدم تسليمه، مؤكدين أن مثل هذه الحالات تتطلب تدقيقًا أعمق من قبل السلطات لضمان عدم تعرض الفرد للتعذيب أو الملاحقة غير العادلة في بلده الأصلي.
ويشير فريق ثالث إلى أن غياب الشفافية في الإجراءات قد يثير تساؤلات حول مدى التزام العراق بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وطالب هؤلاء بضرورة تدخل المجتمع الدولي لضمان دراسة ملف الخالدي بشكل يتوافق مع القوانين الدولية المتعلقة بحماية اللاجئين السياسيين.
موقف العراق «سليم»
بدوره قال الخبير في الشأن القانوني علي التميمي، إن «المواطن الكويتي المطلوب للكويت ليس لاجئاً سياسياً، بل هو محكوم جنائياً بأحكام صادرة بحقه، وهذا يجعله خارج نطاق الحماية الممنوحة للاجئين السياسيين أو الإنسانيين بموجب الاتفاقيات الدولية».
وأضاف التميمي لـ (باسنيوز)، أن «العراق، كعضو موقع على اتفاقية الإنتربول الدولي لعام 1956، ملزم بتنفيذ بنودها التي تقضي بتسليم المطلوبين جنائياً للدول الطالبة، خصوصاً إذا كانت الأدلة المقدمة معززة بأحكام قضائية نهائية، ما يعزز موقف وزارة الداخلية العراقية».
وأوضح أن «التعاون بين العراق والكويت في هذا الإطار يعكس التزام البلدين بتطبيق القانون الدولي خاصة في القضايا ذات الطابع الجنائي، حيث يعمل الإنتربول الدولي وفق نظام دقيق يعتمد على إصدار مذكرات دولية مثل المذكرة الحمراء التي تُعزز بالأدلة والأحكام القضائية، مما يجعل الالتزام بها ضرورياً من الدول الأعضاء».