ما تزال أزمة البطالة «قنبلة موقوتة» يمكن أن تتفجر بشكل واسع في أي لحظة، ولها تبعات خطيرة على المجتمع تبدأ من ارتفاع نسبة تعاطي المخدرات والجريمة وتنتهي إلى مشاكل أمنية واجتماعية واقتصادية قد بدأت تتوسع في المجتمع، والدافع الأساسي لها هو الشباب العاطل عن العمل.
وفيما يستمر الشباب بالتظاهر للمطالبة بالتعيينات وفرص العمل، تدعوهم التصريحات الحكومية إلى التوجه إلى القطاع الخاص، حيث أن القطاع العام قد بات يغص بالموظفين وفوق الحاجة الفعلية لهم، إلا أن الحكومة لم تنجح بتنشيط القطاع الخاص بما يوفر فرص العمل المطلوبة للشباب العاطل عن العمل، ووسط ذلك، توجد مشكلة بالعمال الأجانب الذين تبلغ أعدادهم أكثر من مليون عامل، وجزء كبير منهم يعمل بدون موافقات قانونية.
ويؤكد خبير اقتصادي بأن حل مشكلة البطالة يتطلب رؤية وتفعيل استراتيجية واضحة لتفعيل جوانب كثيرة في الاقتصاد العراقي، وفي مقدمتها تفعيل قطاعي الصناعة والزراعة وكذلك قطاع السياحة وغير ذلك، خصوصاً بعد انتفاء المبررات السابقة التي كانت تعطي أولوية للجانب الأمني، فيما يشير محلل سياسي إلى أن مطالبة العامل العراقي براتب وأجور عمل جيدة أو أكثر مما يطلبه العامل الأجنبي، خصوصاً إذا كان لا يمتلك رخصة للعمل، تعود لكون متطلبات الحياة وأسعار المعيشة مرتفعة في العراق، وهي بارتفاع مستمر، والعامل العراقي بالتأكيد لديه عائلة ومصاريفها وإيجار منزل ودفع أجور مولد الكهرباء، ولا يمكن أن يعمل بعمل لا يوفر له ما يكفي لذلك بينما العامل الاجنبي لا يمتلك تلك المسؤوليات وهو يقبل للعمل بأي سعر كان.
قنبلة موقوتة
وقال الخبير الاقتصادي عبد الرضا فرج بدراوي لـ (باسنيوز)، إن «نسبة البطالة بين صفوف المواطنين القادرين على العمل بحسب الإحصائيات الرسمية تتراوح بين 16٪ إلى 17٪ والنسبة الأكبر هي للشباب حيث تبلغ نسبتهم فيها أكثر من 36٪ وعدد المواطنين الذين هم تحت خط الفقر يقدر بنحو (10) ملايين مواطن وهذه مشكلة حقيقية».
وبين بدراوي، أن «ارتفاع نسبة البطالة مشكلة خطيرة لكونها لها تبعات كبيرة تؤدي لمشاكل اقتصادية وأمنية واجتماعية وسياسية تواجه البلد، وهي في طريقها للتفاقم أكثر إذا لم توجد المعالجات الحقيقية، حيث أن الحلول التي تقوم بها الحكومة حالياً تأثيرها محدود، وعلى سبيل المثال مبادرة البنك المركزي لدعم المشاريع الصغيرة، فقد كان استقطاب الشباب فيها محدود».
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن «حل مشكلة البطالة يتطلب رؤية وتفعيل استراتيجية واضحة لتفعيل جوانب كثيرة في الاقتصاد العراقي وفي مقدمتها تفعيل قطاعي الصناعة والزراعة وكذلك قطاع السياحة وغير ذلك خصوصاً بعد انتفاء المبررات السابقة التي كانت تعطي أولوية للجانب الأمني، حيث أن الأمن قد أصبح مستتباً إلى حد كبير ويجب الالتفات لتعزيز التنمية الاقتصادية، ونحن نسمع عن خطط ومشاريع لذلك ولكن على أرض الواقع التأثير محدود وما زلنا نعتمد على النفط في إيرادات الدولة».
وكشفت إحصائية أجرتها شركة statista الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين بالعالم، عن ارتفاع معدلات البطالة في العراق خلال العام الماضي 2023.
وأظهر جدول للشركة نشرته مؤخراً، ان معدل البطالة في العراق ارتفع قليلاً بمقدار 0.2 نقطة وبنسبة 3.31 بالمئة في عام 2023 مقارنة بالعام الذي سبقه 2022، وبالمجموع بلغ معدل البطالة 15.56 في المائة في عام 2023.
ويشير معدل البطالة إلى نسبة السكان النشطين اقتصاديا العاطلين حاليا عن العمل ولكنهم يبحثون عن عمل، ولا يشمل معدل البطالة الأشخاص غير النشطين اقتصاديًا مثل العاطلين عن العمل لفترة طويلة أو الأطفال أو المتقاعدين.
وأضافت أن معدل البطالة في العراق بدأ بالارتفاع في عام 2018 بنسبة 13.02% بعد أن كان في عام 2004 بمعدل 8.71 %.
العمالة الأجنبية
من جانبه يرى المحلل السياسي مناف الموسوي، بأن «مطالبة العامل العراقي براتب وأجور عمل جيدة أو أكثر مما يطلبه العامل الأجنبي، خصوصاً إذا كان لا يمتلك رخصة للعمل، تعود لكون متطلبات الحياة وأسعار المعيشة مرتفعة في العراق وهي بارتفاع مستمر، والعامل العراقي بالتأكيد لديه عائلة ومصاريفها وإيجار منزل ودفع أجور مولد الكهرباء، ولا يمكن أن يعمل بعمل لا يوفر له ما يكفي لذلك، بينما العامل الأجنبي لا يمتلك تلك المسؤوليات وهو يقبل العمل بأي سعر كان».
وأوضح الموسوي لـ (باسنيوز)، أن «العمالة الأجنبية في العراق تدار بدون استراتيجية واضحة، والأمر الخطير بهذا الملف هو أن أغلب العمال الأجانب يأتون بطريقة غير قانونية عبر التهريب أو الدخول تحت عنوان السياحة أو الزيارة المؤقتة، وبعد ذلك يتسربون في سوق العمل العراقي بصورة غير قانونية ودون أن يمتلكوا إذن عمل، وهناك شبكات وشركات منخرطة بتهريب هؤلاء، ولهذا الأمر تبعات خطيرة تهدد المجتمع».
ولفت المحلل السياسي، إلى أن «وجود هذا العدد الكبير وغير المعروف بشكل دقيق من العمالة الأجنبية يجعل العامل الأجنبي ينافس ويزاحم العامل العراقي بفرص العمل، ويفترض أن يكون السوق مفتوحاً أمام الشباب العراقي بالدرجة الأساس، وإن حصل فائض في فرص العمل يمكن أن نأتي بالعمالة الأجنبية، وهنا نجد غياب القوانين التي تضمن حق العامل العراقي في سوق العمل».
ويتخرج سنوياً من 160 إلى 170 ألف شاب من الجامعات والمعاهد العراقية دون أن يتم تعيينهم أو يحصلوا على فرص للعمل، ووفقا لإحصاء للجنة العمل والشؤون الاجتماعية النيابية، فقد وصل عدد العاطلين عن العمل في العراق إلى 15 مليون شخص.
هذا وحسب إحصاء للبنك الدولي في 2022، تبلغ نسبة البطالة في العراق أعلى مستوياتها منذ 30 عاماً، ويشير البنك الدولي إلى وقوع الضرر الأكبر من التراجع الحاصل في الاقتصاد العراقي على عاتق الشباب، حيث وصلت نسبة البطالة بينهم إلى 36%، وليس لدى وزارة التخطيط أي خطة جديدة في هذا المجال.