تعتبر الحياكة بالسنارة أو كما تسمى (الكروشية) حرفة تم اختراعها قبل ما يقارب 300 عام كنوع من أنواع التطريز، يستخدم فيها السنارة بدل الإبرة، حيث أول (باترون) للكروشيه - الحياكة تم نشره في المجلة الألمانية Pénélopé عام 1824، ثم أصبح متداولا في جميع أنحاء أوروبا بالنظر لأن حياكة الدانتيل باهظة الثمن لأن القطن ذو الجودة العالية كان يتم توفيره بصعوبة خصوصا أيام وسنوات المجاعة والحروب التي عاشتها أوربا، بعدها انتقل عمل الحياكة بالسنارة إلى الدول الشرق أوسطية ووصل العراق، وانتعشت الحياكة في تسعينات القرن الماضي عندما أصبح العراق يعاني من الحصار الاقتصادي وقلة فرص العمل، فازدهرت الأعمال اليدوية حينها وحتى يومنا هذا.
الحياكة بالشتاء والخياطة بالصيف
صاحبة موقع (لولو بوكليكوت) قالت في حديث لـ (باسنيوز)، إنها بدأت العمل في الحياكة (الكروشية) قبل أربع سنوات، حيث كان لديها وقت فراغ كبير فقررت أن تستغله بالحياكة وعملت أولا للأهل والأقارب والأصدقاء، وعندما شجعها أهلها فتحت صفحة على الفيسبوك فرأت أن هناك إقبال وطلب من الزبائن فاستمرت بهذا العمل الذي تجد فيه متعتها بالرغم من التعب والإرهاق، لأنه متعب للعينين والرقبة واليدين.
وتابعت أن اختيارها للعمل في الحياكة كان مجرد صدفة، وأنها مع شقيقتها يعملان كفريق في هذا المجال.
وتقول أن «الحياكة تحتاج إلى تركيز وجهد، وقد يستمر عمل قطعة واحدة من ساعات في اليوم الواحد إلى شهر أو أكثر»، مشيرة إلى أن زبائنها يطلبون دوما قطع غير موجودة في السوق ولا على مواقع الانترنيت لذلك توفرها لهم عبر هذا العمل اليدوي.
وأضافت أن أغرب طلب حياكة وصلها كان عمل «كلكوت» (عش طفل حديث الولادة) ولكن لشخص بالغ قياس 150 سنتم، ولكن لم تستطيع تنفيذ الطلب بالنظر لصعوبة النقل والتوصيل.
أما إسراء عبد الوهاب، الحاصلة على دبلوم معهد معلمين سنة 2009، ولأنها لم تات لها فرصة التعيين في مجال اختصاصها كمعلمة أطفال التجأت إلى الأعمال اليدوية لكسب العيش، تقول لـ (باسنيوز) إنها حديثة العهد بأعمال الحياكة وتقوم بالصيف بمهنة الخياطة من المنزل «ولكن في الشتاء يكون الإقبال على خياطة الملابس قليلاً لذلك قررت العمل في حياكة الملابس والفرش وغيرها بالسنارة».
ورش ودورات للحياكة
وتدعو الناشطة في مجال حقوق المرأة هيمان رمزي عبر (باسنيوز)، منظمات المجتمع المدني إلى فتح دورات وورش عمل، لتعليم النساء المهن اليدوية كالحياكة والخياطة والغزل وصناعة الاكسسوارات اليدوية وغيرها «كي يصبحن مستقلات ماديا في المقام الأول ولكي يتم توفير فرص عمل لهن، بالتالي يتحسن وضعهن ووضع أسرهن ماديا واقتصاديا، كما أنها فرصة لتنشيط سوق العمل والتداول المالي المحلي».
وتؤمن رمزي بحكمة قديمة تقول (لا تعطيني سمكة بل علمني كيف أصيدها)، «فتعليم النسوة هكذا أعمال فرصة جيدة للاعتماد على أنفسهن خصوصا الأرامل والمطلقات المعيلات لأسرهن».
وترى رمزي أن «الأعمال اليدوية ليست فرصة لإبجاد العمل المستقل فحسب، بل وسيلة للحافظ على التراث وتاريخ المجتمعات، فاستمرارية العمل اليدوي يعتبر تاريخ حي للشعوب والأمم».
وبحسب الخبراء في سوق العمل، فإن أفضل تسع مهن تقوم بها النساء ونجاحها مضمون هو حياكة الكروشية، عمل المعجنات، العمل في مجال الدواجن، تفصيل الملابس والرسم على الزجاج وتزيين الفخار وزراعة الخضروات أو بيع الشتلات المنزلية، وكذلك إنتاج الدمى وصناعة الاكسسوارات وأخيرا العمل عن طريق الانترنت.
فالبعض من هذه المشاريع يحتاج إلى الخبرة والبعض الآخر يحتاج إلى رأس المال فقط، أو إلى كلاهما في أحيان أخرى.