شهد العراق والعديد من البلدان في غرب وجنوب آسيا هبوب عواصف ترابية غير مسبوقة أدت الى تعطيل شبه تام للحياة في العديد من المدن والمناطق. كثافة الغبار المتطاير بصحبة هذه العواصف حجبت اشعة الشمس ونشرت الضجر لدى السكان، إضافة الى تداعيات على صحة الآلاف من السكان الذين نقلوا الى المشافي.
سبق وان دق خبراء البيئة ناقوس الخطر من التدهور البيئي الكبير الذي بات يشكل تهديدا لحياة الكائنات الحية على الارض. عوامل عدة طبيعية ومن صنع البشر دفعت بالأمور باتجاه المزيد من التدهور. مؤتمرات وندوات تعقد في الدول ذات الصلة وهناك اهتمام متزايد بالأمر على الصعيدين الإقليمي والعالمي، بل ان المنظمات الأممية والدولية والمحلية انخرطت في الموضوع الذي بات شأنا يهم الجميع.
العراق يعد في مقدمة البلدان التي تهددها مخاطر التدهور البيئي، وكثافة العواصف الترابية التي تهب على أراضيه تنذر بتصاعد وتيرة المخاطر المترتبة. ومن هنا تصاعدت الأصوات المطالبة بالحلول وبادر العراق ومعه الحكومات الأخرى الى عقد اللقاءات والمؤتمرات بحثا عن الحلول والمعالجات. طروحات وتنظيرات جمّة يتم تداولها وتتوصل الأطراف ذات الصلة الى استخلاص جملة من الخطط والتوصيات، والمشكلة في أن المبادرات لم تتحول من التوصيات والخطط الى التفعيل والعمل.
خلق الانسان من تراب، وهو الآن امام تهديد مادته التي خلق منها. اننا الآن امام معركة التراب التي ان خسرناها، فان علامات الحياة والحيوية تتراجع من مساحات شاسعة من الأراضي التي سبق ومنذ أقدم العصور كانت مواطن للعيش والحضارة. والخطر لا يقف عند هذا الحد، بل أي تراجع من قبلنا ازاء تصاعد حدة التدهور البيئي، سيفتح شهية التصحر وتصاعد أخطاره البيئية وتنوعها، وأبرز علاماتها العواصف الترابية التي ستشكل تهديدا يتواصل على جميع المناطق المجاورة المأهولة بالسكان.
العواصف الترابية التي تهب، بحسب قول خبراء الطقس والبيئة من صحاري شمال افريقيا، تغطي بظلالها وسحبها الترابية مساحات شاسعة تمتد لآلاف الكيلومترات واحتمالات تصاعد النسبة وتمدد المساحات المغبرة شبه مؤكدة. ومن المنطق ان يبادر الجميع لبدء مشوار المواجهة في حربنا مع التراب الذي نحن منه وهو الآن، ربما بسبب سوء تعاملنا معه، يهددنا.