كوردی عربي بادینی
Kurdî English

أخبار أراء التقارير لقاءات اقتصاد ملتميديا لایف ستایل ثقافة و فنون
×
علي تمي 06/05/2020

المجلس الوطني الكوردي بين مطرقة " قسد" وسندان المعارضة

لاشك أن المجلس الوطني الكوردي الذي يتألف من إحدى عشر حزب كوردي سوري يقود معركتين" سياستين " في جبهتين متناقضتين في التصور والتوجه والعقيدة ، وداخل حقل من الألغام المعروفة اليوم بمنطقة شرق الفرات بالإضافة إلى منبج التي تسيطر عليها قسد بدعم من التحالف الدولي ، و تعتبر منطقة مفتوحة ومكشوفة على مصراعيها وتحيط بها مجموعة قوى فاعلة على الأرض من جميع الإتجاهات .

لعبة الخداع مع النظام

أستلم حزب "الإتحاد الديموقراطي " الذي يشكل الواجهة السياسية لقوات سوريا الديموقراطية المناطق الكوردية في سوريا من النظام السوري بعقد إستلام وتسليم و كأمانة يمكن إعادتها في حال أعاد النظام بسط سيطرته على كل تراب سوريا مقابل أمتيازات و مكتسبات مالية يمكن أن يحصل عليها " الإتحاد الديموقراطي" من النظام مقابل الدور الذي منح له بعد 2012 م ، أما في حال أستمرار الأزمة وأدت بمنظومة ( الأسد ) الأمنية والسياسية إلى الإنهيار حينها سيقود حزب "الإتحاد الديموقراطي" مناطق التي إستلمها نحو التقسيم وإنشاء أمر واقع جديد كما حصل في إقليم كوردستان العراق ، وذلك لمنح المكون العلوي في سوريا التبرير لإنشاء إقليم مشابه و خاص بهم لرفضهم التعايش مع المكون ( السني) الذين يشكلون سبعون بالمئة من السكان في سوريا .

المواجهة الغربية مع النظام

إن الدول الغربية وتحديداً ( أمريكا ، فرنسا ، بريطانيا ) كما تاريخياً لديهم مصلحة مشتركة في إدارة الأزمة في سوريا وتحديداً في المناطق الكوردية ، وفق ما يتطلبه مصلحة الطفلة المدللة " إسرائيل " في المنطقة ، فجاءت الأزمة السورية لتكرس هذه الرغبات على طبق من ذهب ووجدوا أضعف نقطة لدى النظام وهي منطقة " شرق الفرات " التي تمتاز بــ :
1- أكثرية سكانها معارضين للحكم وبالتالي يشكل بيئة ملائمة (خاصة) لتمرير المشاريع الغربية فيها .
2- منطقة غنية بالنفط والغاز والمياه والزراعة والثروات الطبيعية و المعدنية وبالتالي تشكل قاعدة أساسية لبناء أي مشروع أو ( دويلة ) في هذه المنطقة ، وبناءً على ذلك يتقاطر الوفود الأمريكية والفرنسية والبريطانية إلى القامشلي بشكل شبه يومي ليست محبة بـ ( عيونهم السود) و إنما لمحاولة " تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ " وجعل الكورد في سوريا وقوداً لهذا المشروع تحت عناوين " محاربة داعش" وإعادة النازحين والمهجرين إلى قراهم ومدنهم وإعادة الأمن والإستقرار إلى هذه المنطقة.

الجبهات المتناقضة :

هذه الجبهة متناقضة تماماً لما تحدثنا عنه سابقاً والتي تتمثل بوجود طرف كوردي يقود معركة التفاوض مع قيادات "قسد " في جبهة شرق الفرات ، في الائتلاف السوري المعارض للنظام و الذي حصل على إعتراف 122 دولة بُعيد تشكيله وبالتالي أستفاد ( الوطني الكوردي ) من خلاله المشاركة في مفاوضات جنيف وآستانة ، وانضم بفضله إلى "هيئة التفاوض السورية" وحتى دفع به الأمر إلى الحصول على الإعتراف السياسي من وزير الخارجية التركي ( جاويش أوغلو) عندما وصف المجلس الوطني الكوردي بأنه ممثل شرعي للشعب الكوردي في سوريا .

جبهة المعارضة التي وجد المجلس الوطني الكوردي نفسه فيها مرغماً نتيجة فشل الإتفاقات السابقة ( هولير 1 - 2، و دهوك ) ، وعاد لينخرط مجدداً في المفاوضات مع "قسد" برعاية أمريكية و فرنسية ، لاشك سيجد نفسه في مأزق لا يحسد عليه في الضفة الأخرى ( المتناقضة ) إن لم يشارك أو يطلع الإئتلاف السوري المعارض على النقاشات التي تجرى حاليًا في الكواليس برعاية أمريكية .

بمعنى ربما يتخذ الإئتلاف السوري المعارض إجراءات قانونية ضد المجلس الوطني الكوردي كون "الإئتلاف " يصنف "الإتحاد الديموقراطي" كمنظمة "إرهابية" ساهمت في تقويض عمل الثورة وتكريس سلطة الأسد وإطالة أمده " إن لم يكن جزءاً من المعادلة وربما قد يساهم في شق صفوف المجلس الكوردي و إيجاد بديل كوردي ( سياسي ) له في هيئة التفاوض ( وما أكثرهم) إن سلك طريقه نحو الإتفاق مع قسد ، وهذا ما يريد الوصول إليه قيادات "قسد " تماماً ، وهو عزل المجلس عن محيطه السياسي كأول مرحلة من أوراقه السياسية ، ومن ثم أستدراجهم الى داخل ومنحهم مكتسبات مادية لمرحلة معينة ، ومن ثم مطاردتهم (زاوية زاوية و وشارع شارع ) و إن صح التعبير - لضرب جميع الإتفاقات في عرض الحائط.

ومن جهة أخرى هناك من يقول لطالما كان المجلس الوطني الكوردي جزء هام وفعال وعضو في الإئتلاف السوري المعارض فلماذا لا يقود المفاوضات مع قسد باسم الإئتلاف ، ربما يعتقد البعض أن هذا السؤال محقاً نوعاً ما ، طبعاً هذا غير ممكن لأن (النظام و إيران) لن يقبلوا بذلك وبالتالي الهدف ليس تجميع المعارضة في منطقة وجبهة موحدة بالإشتراك مع "قسد " ضد النظام و إنما الهدف هو إعادة القضية الكوردية التي يقود لوائه المجلس الوطني الكوردي في المحافل الدولية وجعله قضية محلية تتمثل بإدارة البلديات مقابل مكاسب مالية قد يحصل عليه من قسد في المرحلة اللاحقة ، و أيضاً الهدف البعيد هو عزل المعارضة وتقسيمها عامودياً من جميع مكوناتها وأطيافها لانتزاع الشرعية منها .

الخلاصة : إن المجلس الوطني الكوردي يجد نفسه اليوم بين نارين متناقضين وأمام مفترق طرق ، وخياراته محدودة جداً ، نار" الإئتلاف " والضغوطات الإقليمية والنظام من جهة ، و آتون الأمريكين و معه التحالف الذي لم يعد هناك مكاناً للثقة بعد تسليم كركوك إلى الحشد الشعبي في 2017 م .

يتطلع المجلس الوطني الكوردي اليوم إلى الإتفاق مع "قسد " بعد إستيائه من ممارسات فصائل المعارضة السورية في (عفرين وراس العين ) وعدم مبادرة الأتراك الى مشاركة المجالس المحلية التابعة له في إدارة هذين المنطقتين وبالتالي شكل حالة إستياء لدى قيادات المجلس من التهميش التركي( الغير مفهوم) لهم مع عدم وجود رغبة تركية حتى اللحظة في إدارة الملف الكوردي في سوريا بشكله الصحيح من خلال إيجاد شريك سياسي فعال له في سوريا حتى لا يستغل الغرب هذه المعادلة ويقود بهم نحو جبهة أخرى ربما يتعارض مع مصالح التركية الجيوسياسية الإستراتيجية البعيدة المدى .

الخيارات المحدودة

وأخيراً وليس آخراً ، إنخراط المجلس الوطني الكوردي في مفاوضات مباشرة مع "قسد" هو رد فعل طبيعي على ما يحدث في عفرين وراس العين ، وعدم إشاركهم في إدارة هذه المناطق ، وبالتالي لا خيار أمام المجلس إلا الأستمرار في التفاوض مع "قسد " بضمانات أمريكية وليست ( الرعاية ) وحتى لو أدى ذلك إلى قطع العلاقات السياسية مع الإئتلاف السوري المعارض وضرب جميع الإتفاقات الموقعه معه في عرض الحائط لطالما لا يستطيع "الإئتلاف " ضبط إيقاع فصائل المعارضة في عفرين ووقف الإنتهاكات بحق المدنيين وإيجاد إستراتجية جديدة لإدارة هذا الملف ، وهذا يتلاقى بشكل مباشر مع مصلحة النظام السوري و الإيراني الإستراتيجية ، وبالتالي سحب الكورد من هذا الإطار لعزلهم و إبراز الأمر وتصويره أمام القوى الدولية على أنه تكتل (سني ) يتمثل بالإخوان المسلمين فقط ، و مشروع المجلس مع " قسد " بمجرد تقدم أي خطوة نحو الأمام لن يعود إلى الخلف وعقارب الساعة لن تعود إلى الخلف ، ( اللهم ) إلا إذا غيّر الأتراك سياستهم تجاه المجلس الوطني الكوردي وساهم في وقت بدل الضائع في إشراكهم في إدارة ( عفرين وراس العين ) وباقي المناطق ضمن تفاهم ( متفق عليه ) بحيث لا يتعارض مع مصالح شعوب المنطقة جميعاً بما فيها مصالح تركيا الإستراتيجية، وإعادة البيشمركة إلى المناطق المذكورة ، عندها سيجد المجلس الوطني الكوردي مصلحة شعبه مع "الإئتلاف" واحتمال الإتفاق مع "قسد" سَيُزال تماماً مهما كانت حجم الضغوطات الأمريكية كبيرة .

عندها سيكون " قسد " أمام سيناريوهات و تحديات جديدة ، واحتمال عودة شبح الحرب مجدداً إلى (كوباني و درباسية ) وبالتالي تصبح مشروع قسد السياسي والعسكري في سوريا في خبر كان نتيجة غرورها وفشلها في عقد إتفاق مشترك مع المجلس الوطني الكوردي ، مع العلم أن وجود الأخير في مشروع مشترك مع "قسد" هو صمام أمان لاستمرار ونجاح مشروعها والمحافظة على ما تبقى من المناطق تحت سيطرتها إلى حين إيجاد حل شامل في سوريا